أصبح صباح يوم غريب ؛ كان فى الشتاء و الغيوم تسيطر على الموقف
استيقظت أما
نعيمة من نومها فجر هذا الصباح لتصلى الفجر ثم تيدأ يومها فى هناء و حب مع الحياة
.... بعد أن أنهت متعلقاتها داخل منزلها و بدأ نهار اليوم الجديد يخرج من مهاده
.... ارتدت ملابسها الرسمية التى اعتادت ان تلاقى بها الناس فى أناقة و زهو ... أما
نعيمة اعتادت دائما ان تزور المخبز للحصول على الخبز اليومى لها .... وهى فى طريقها
قابلت شخصا حاملا على كتفه "شيكارة" من الدقيق المدعم .... فسألته أما نعيمة فهى لم
تعتاد على السلبية أبدا :
ما هذا الذى
تحمله ؟؟ هل تستحل دم الشعب ؟؟
فرد عليها
الرجل متعصبا : لا يا أما نعيمة "إن بعض الظن إثم" استغفرى ربنا فأنا سارقها و من
يقدر على منعى .
خشيت أما
نعيمة على جرح مشاعرها بصورة أكبر فلم يعد للسن تقدير فى زمن يموت فيه القدير..
فسكتت على غير عادتها .
تحركت رويدا
بمؤثرات السن الواضح عليها هذا يساندها وذاك يأخذ بيدها ..
وعلى بعد
حوالى 100 متر من المخبز التقت أما نعيمة بجارتها بكيزة أم حسين و الدموع تملأ
عينيها فإذا بها تقف فى آخر الطابور .. أما "أما نعيمة" فمن لا يقدر سنها فهى لا
تقف فى الطابور .... فخرت بكيزة على أقدام أما نعيمة تقبلها راجية منها أن تتوسط
لها فى ولو خمسة أرغفة من أجل قوتها هى و ابنها اليتيم حسين ، وبشهامة بنت البلد
صرخت أما نعيمة :
ألم يعد هناك من يرحم ؟؟ تعالى يا بنتى وصلينى
اتكأت أما
نعيمة على بكيزة وهى فى طريقها للشباك ؛ فتقابلا بروحية أم البنات التى سافر زوجها
للعراق ولا يعلمون مصيره ملابسها ممزقة فهى كما يصفونها "أروبة" فهى تبيت أمام
المنفذ لكى تستطيع أن تطعم بناتها الخمسة ودموعها تسيل على الخبز بيدها ....
فأوقفتها أما نعيمة سائلة إياها :
ماذا حدث يا بنيتى؟؟
ارتمت روحية
فى حضن أما نعيمة و بكيزة وهى تبكى بحرارة فصرخت فيها أما نعيمة : تحدثى ماذا حدث
لك ؟؟
فقالت روحية أنها تعرضت لحادث اغتصاب من الشباب المخمورين وهى فى بداية
مشوار انتظارها ولم يكن أحدا قد وصل عند الفرن بعد ، ومن الواضح أن الشبان هؤلاء
كانوا ينتظرون روحية فى مخطط لذلك ....وقالت لها أما نعيمة لم لم تدافعى عن نفسك
؟؟؟
قالت روحية كنت ممسكة بحديد شباك المنفذ بيدى خيفة أن تقف أخرى
مكانى
وجم وجه أما
نعيمة مستغربة و قالت لها .... هل تفرطى فى جسدك بتلك السهولة؟؟ قالت لها وكم يساوى
جسدى جانب تلك اللقيمات يا أما نعيمة ؟؟؟
كادت أما
نعيمة أن تقع من هول الصدمة لكنها تمالكت نفسها سريعا بعدما تداركتها روحية وأمسكت
بيدها .
استكملت
مسيرها نحو الشباك وفى يدها بكيزة أم حسين ..... وشاهدت من المناظر المؤسفة ما لذ
لها وطاب
وأخيرا وبعد
رحلة طويلة من الكفاح نحو شباك الخبز نادت أما نعيمة على حسنين العامل بالفرن .....
أحضر لى خبزى يا حسنين ، وكلها ثقة أن الخبز صار بيدها .... فنظر لها حسنين وقال
لها : كان زمان يا أما نعيمة "قطعتى البون" ...سألته "ايه البون ده؟؟"
نادى عليها
على الزبال وقال لها : تعالى ارتاحى بجوارى وقال لها تلك البونات يقوم عليها المجلس
المحلى فى هوجة قرارات فصل الانتاج عن ا لتوزيع والقضاء على الطوابير
قالت له ومن
هم المجلس المحلى ؟؟؟
قال لها دول
الناس اللى احنا اختارناهم من اجل حماية حقوقنا ورعاية مصالحا
قالت له من
هم اذا ؟؟
قال لها : الدكتور عبدالعزيز اللى قاعد فى المركز ومش بييجى والمهندس
عمر ابن أم حسين وعماشة النقاش
قالت له: عماشة النقاش سارق مؤن الدهان
تبسم
وقال لها : شوفى لما يمسكنا حرامى مؤن
انتفضت أما
نعيمة من مقعدها ونادت على الناس وسالتهم ما الذى جعل الأمور تتدهور لهذا
الحد؟؟
ظهرت أم
سميرة صاحبة السمعة السيئة من ناحية صف الرجال بضحكة يندى لها الجبين قائلة : الناس
اسودت قلوبهم وزادت ذنوبهم مش عاوزين ربنا يغضب عليهم ويشويهم بنار جهنم
ونادى عباس
السائغ صاحب اكبر قضية اغتصاب فى المنطقة وكان ذلك بعد خروجه من السجن بايام عندما
اعتدى على ابنة عمه فى الشارع انتقاما من عمه: مافيش أخلاق الناس مافيش عندها ضمير
نادت أما
نعيمة على المهندس عمر و عماشة سألتهم ما هى أسباب الأزمة يا مثقفين؟؟؟
قال المهندس
عمر: السبب هو الغلاء لأنه موجة عالمية الناس اقبلت على الخبز المدعم بعد عدم
القدرة على شراء الخبز الآخر، ورغم أننا بلد زراعى إلا أنه لايوجد فلاح يمتلك من
الغلة ما يكفيه ولم تعد النساء قادرة على خبز الخبز بعد شحوح الدقيق و ارتفاع
سعره
قالت وانت
يا عم عماشة ايه رأيك؟؟؟
نظر لها
عماشة وقال : الناس تقول عماشة يسرق المؤن و عماشة يسرق الدقيق و عماشة يسرق كذا و
كذا و الحكومة عمالة تسرق وتسرق وما حدش بيكلمها وبعدين سرقنا او ما سرقناش احنا
أخدنا السمعة اننا حرامية .... يبقى نستنفع بشيكارة دقيق نبيعها ننفع صاحب الفرن و
نستنفع
فجأة جاء
صوت رجل حكيم جدا وقال: يا أما نعيمة انت السبب عندما قلت "نعمين" ـ
موضوع: أما نعيمة وأزمة الخبز 
